26/4/2020 وكيل العدل ل"الأيام": نشجّع "الوساطة" في تسوية أي منازعات ناشئة إثر جائحة "كورونا"

أكد المستشار وائل بوعلاوي وكيل العدل والشؤون الاسلامية أن خيار الوساطة في تسوية أي منازعات قد تنشأ إثر ظرف فيروس كورونا يمثل أحد الوسائل الفعّالة، وذلك من خلال جدول الوسطاء المعتمدين أو وسطاء من خارج هذا الجدول.

وكشف المستشار بوعلاي، في لقاء مع صحيفة «الأيام»، أن مشروع قانون العدالة الإصلاحية يتضمّن العديد من المسائل الجوهرية، منها رفع سن الطفل الى 18 سنة، سواء الطفل الذي ارتكب جريمة أو الطفل الموجود في إحدى حالات الخطر أو سوء المعاملة، لافتًا الى أن المشروع ينص على تشكيل لجنة تختصّ بالنظر في حالات تعرّض الطفل للخطر أو سوء المعاملة، تتشكّل من قاضي محكمة وعضو نيابة وخبير في المجالات النفسية أو الاجتماعية، في حين تُشكّل لجنة قضائية تختصّ بالنظر في طلبات استبدال العقوبات المقضي بها قبل نفاذ هذا القانون للأطفال الجناة الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 سنة وقت ارتكاب الجريمة.

وقال بوعلاي إن مملكة البحرين قطعت شوطًا مهمًا في تأسيس الأرضية المناسبة لتطبيق العقوبات البديلة والتوسّع فيها، إذ أصبحت العقوبات ممارسة واتجاهًا رئيسًا ضمن المنظومة العقابية والإصلاحية بمملكة البحرين.

وفيما يلي نص الحوار مع المستشار بوعلاي...


- هل يمكننا القول إن العقوبات البديلة اليوم أصبحت اتجاهًا رئيسًا في المنظومة العقابية والإصلاحية بمملكة البحرين؟

لا شك أن مملكة البحرين قطعت شوطًا مهمًا في تأسيس الأرضية المناسبة لتطبيق العقوبات البديلة والتوسّع فيها، لذلك نستطيع القول إن العقوبات البديلة أصبحت ممارسة واتجاهًا رئيسًا ضمن المنظومة العقابية والإصلاحية.

وهنا نشير إلى أن العقوبات البديلة كانت مطبّقة في البحرين منذ العام 2002 بشكل ضيّق ومحدود، ولكن مع صدور قانون العقوبات والتدابير البديلة في العام 2017، وفي ظل التوجيهات الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، بالتوسّع في تطبيق العقوبات البديلة، حدثت نقلة نحو تطبيقات أكثر توسّعًا وتأصيلاً لمفهوم العقاب القائم على التأهيل إلى جانب تحقيق الردع، بحيث تم إفراد قانون خاص لها؛ وذلك انطلاقًا من قاعدة أن تأهيل المحكومين يمثل أحد أهداف العقوبة، بما يسهم في إعادة دمجهم في المجتمع.

إن قانون العقوبات البديلة أوجد منظومة فعّالة لتطبيق العقوبات والتدابير البديلة، خصوصًا فيما يتعلق بتقدير الخطورة.

وقد وضعت وزارة العدل آلية للمتابعة المستمرة، والتنسيق المتواصل مع النيابة العامة ووزارة الداخلية، لضمان وجود أعمال في خدمة المجتمع وبرامج التأهيل والتدريب تغطي العقوبات البديلة المحكوم بها، وذلك بالتعاون مع القطاعين العام والخاص ومشاركة مؤسسات المجتمع المدني، إذ إن الأعمال في خدمة المجتمع وبرامج التأهيل تمثلان نوعين من العقوبات البديلة المقرّرة قانونًا، وذلك بما يلبّي متطلبات تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن.

- صرّحت مؤخرًا النائب فاطمة القطري، رئيس اللجنة النوعية الدائمة للمرأة والطفل بمجلس النواب، بأنه تم إجراء قراءة نهائية لمواد مشروع قانون العدالة الإصلاحية من قبل اللجنة. كونكم شاركتم بشكل أساسي في إعداد ومناقشة هذا المشروع، ما أبرز ما تضمّنه هذا المشروع؟

بداية أودّ أن أسجّل بالغ التقدير لرئيس وأعضاء اللجنة النوعية الدائمة للمرأة والطفل بمجلس النواب؛ للجهد المبذول في مناقشة مشروع قانون العدالة الإصلاحية، فكان هناك نقاش متواصل ومعمّق لما يمثله موضوعه من أهمية كبيرة.

وبالعودة إلى سؤالك، فإن مشروع قانون العدالة الإصلاحية تضمّن العديد من المسائل الجوهرية، منها رفع سن الطفل الى 18 سنة، سواء للطفل الذي ارتكب جريمة، أو للطفل الموجود في إحدى حالات الخطر أو سوء المعاملة.

كما نلفت هنا إلى أن المشروع الجديد توسّع في التدابير الاحترازية في سياق العقوبات البديلة للأطفال دون 15 سنة، وهي التوبيخ، والتأنيب، وتوجيه اللوم، والتسليم، والاعتذار، أو وضع الطفل تحت إشراف شخص مؤتمن، أو وضعه تحت الاختبار، أو إلحاقه ببرنامج تدريب وتأهيل أو برنامج تربوي، كذلك حظر ارتياد مكان معيّن أو إلزامه بالحضور أمام شخص أو هيئة معيّنة، أو إيداعه مستشفى أو مؤسسة اجتماعية، أو المشاركة في أنشطة تطوّعية، أو تأدية عمل للمنفعة العامة، أو البقاء ضمن نطاق جغرافي معيّن، أو إلزامه بالبقاء في المنزل ومراقبته إلكترونيًا.

وينص المشروع على تشكيل لجنة تسمى (اللجنة القضائية للطفولة) تختصّ بالنظر في حالات تعرّض الطفل للخطر أو سوء المعاملة، تُشكّل من قاضي محكمة وعضو نيابة وخبير في المجالات النفسية أو الاجتماعية، ولا تتخذ اللجنة سوى التدابير المنصوص عليها حمايةً للطفل ولمصالحه، في حين تُشكّل لجنة قضائية تختصّ بالنظر في طلبات استبدال العقوبات المقضي بها قبل نفاذ هذا القانون للأطفال الجناة الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 سنة وقت ارتكاب الجريمة.

كما تضمّن المشروع إنشاء محكمتين متخصّصتين للأطفال، الأولى محكمة العدالة الإصلاحية الصغرى للطفل، والثانية محكمة العدالة الإصلاحية الكبرى للطفل، تتولّى النظر في الجرائم (الجنح والجنايات) التي ترتكب من الأطفال من سن 15 الى 18 سنة. ويقوم بأعمال الخبرة أمام المحاكم واللجنة خبراء متخصّصون في المجالات النفسية والاجتماعية، كذلك تضمّن المشروع إعفاء الطفل من أي رسوم أو مصاريف قضائية تستلزمها الدعوى الجنائية، سواء أمام اللجنة أو محاكم العدالة الإصلاحية.

- بعد صدور قرارات عن وزير العدل بإنشاء جداول للوسطاء المدنيين والجنائيين، في ضوء القانون بشأن الوساطة لتسوية المنازعات الصادر حديثًا، كيف ترى سير هذا الموضوع؟ وهل ترى نظام الوساطة خيارًا للتعامل مع أي منازعات قد تنشأ في ظل ظرف فيروس كورونا، ذلك باعتبارها إحدى الوسائل البديلة الفعّالة؟

كما هو معروف أن الوساطة في تسوية المنازعات تُعد بديلاً أثبت نجاحه وفعاليته في العديد من الدول، وهنا توجد مسألة مهمة تجدر الإشارة إليها، وهي أن جدول الوسطاء المعتمدين لدى مكتب المسجّل العام هو أحد الخيارات المتاحة في حال اتفق طرفان أو أكثر على الاستعانة بوسيط من خلال القائمة الموجودة في هذا الجدول، في حين يمكن للأطراف اختيار وسيط خارج هذا الجدول، فالمهم هو اتفاقهم مع مراعاة المتطلبات الواردة في القانون والقرارات التنظيمية ذات الصلة.

اللجوء إلى الوساطة هي عملية اختيارية للأطراف بهدف مساعدتهم في التوصّل إلى تسوية في نزاع قائم، دون أن تكون للوسيط صلاحية فرض حل، ونحن في وزارة العدل نشجّع على الوساطة ونحث عليها بشكل عام.

وفي وضع استثنائي مثل ظرف فيروس كورونا، بكل تأكيد الوساطة تمثل إحدى الخيارات المناسبة والفاعلة، ولدينا في وزارة العدل الآن رسميًا وسطاء مدنيون وجنائيون معتمدون لدى مكتب المسجّل العام.

- ضمن الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا (كوفيد 19)، نفّذت وزارة العدل خطة عمل مساندة لتيسير إجراءات العدالة من خلال توفير قنوات للتواصل، سواء عبر البريد الإلكتروني أو الاتصال، إلى جانب الخدمات الإلكترونية المقدّمة عبر بوابة الحكومة الإلكترونية. هل لكم أن تعطونا صورة عن آليّة العمل القائمة؟

عملت الوزارة بالتنسيق المشترك مع المجلس الأعلى للقضاء على تنفيذ خطة عمل ومتابعة يومية؛ بهدف تقديم كل أشكال الدعم والمساندة للسادة المحامين والمتقاضين والمراجعين، بما يمكّنهم من إجراء معاملاتهم وتقديم طلباتهم والرد على استفساراتهم دون الحاجة إلى حضورهم الشخصي، من خلال فرق عمل تتلقى الاتصالات وتستقبل البريد الإلكتروني، في هذا السياق باشرت الوزارة عشرات الآلاف من الاتصالات ورسائل البريد الإلكتروني بهدف تيسير إجراءات العدالة في ظل تطبيق التدابير التنظيمية للوقاية من فيروس كورونا.

ومن هنا نتقدّم بعميق الشكر والتقدير لكل موظفي الوزارة الذين عملوا بروح فريق البحرين الواحد، واستطاعوا تنفيذ خطة العمل المساندة بكل اقتدار ومسؤولية ومثابرة.

هذا إلى جانب الخدمات الإلكترونية عبر بوابة الحكومة الإلكترونية التي توفر إمكانية الاستفادة من خدمات واسعة وأساسية، سواء المرتبطة بإدارة المحاكم، أو إدارة التنفيذ، أو التراخيص والوكالات الخاصة بالمحامين والخبراء، أو استلام الأحكام القضائية المدنية أو والشرعية والصيغة التنفيذية لها، أو الإعلانات بالنشر وتبليغات القضايا، أو إدارة أموال القاصرين.

وهنا نتقدّم ببالغ الشكر والتقدير الكبيرين لشريك الوزارة الاستراتيجي، المتمثل في هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية؛ لجهودها ودعمها الدائم لمشروع التحوّل الإلكتروني في قطاع العدالة.

وأجد من الواجب التنويه بجهود المحامين، وفي مقدّمتهم رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية المحامين البحرينيين؛ لما يقومون به من دور وما يبذلونه من جهود في سبيل خدمة المتقاضين، والتعاون الوثيق في إطار الإجراءات التنظيمية الاحترازية المتخذة في المرفق القضائي والعدلي، الهادفة بشكل أساسي إلى الحفاظ على صحة وسلامة الجميع، إلى جانب تيسير الخدمات العدلية مع تجنّب كل أشكال التجمّع تبعًا للإرشادات الصادرة عن الجهات المختصّة.

كذلك ما تبديه الجمعية من اهتمام بالخدمات الإلكترونية، ودور المحامين بالإسهام في تطوير هذه الخدمات، فالمحامون شركاء في تطوير الخدمات الإلكترونية والتوسّع في تطبيقها. هدفنا جميعًا وجود وسائل متقدّمة تواكب التطور في مختلف مناحي الحياة، وتساعد على تيسير إجراءات العدالة ورفع كفاءة العمل وسرعة الإنجاز على كل المستويات. إن الاستفادة من التقنية الحديثة تُعد وسيلة لأي تقدّم في أي مجال.

وهنا نودّ أن نعرب عن تقديرنا للمحامين الشباب الذين لهم دور في تطوير الخدمات الإلكترونية من خلال تقديمهم الملاحظات والمقترحات، فنحن نعتز بجيل الشباب المحامين، وباهتمامهم بدعم كل ما من شأنه الارتقاء بالعمل القانوني.

- هل تتجه الوزارة لزيادة أعداد الموثقين الخاصّين في ظل الضغط الكبير على إدارة التوثيق؟

تم لحدّ الآن الترخيص لـ33 موثقًا من القطاع الخاص (24 للغة العربية) و(9 للغة الإنجليزية)، ومؤخرًا استكملوا متطلبات وشروط البرنامج المقرّر لترخيص مزاولة أعمال كاتب العدل الخاص «الموثق الخاص» للدفعة الرابعة، إذ سيبدأون عملهم بعد أداء القسم أمام وزير العدل لتقديم الكثير من خدمات التوثيق، ونؤكد تطلعنا إلى تعزيز دور الموثق الخاص.

- كم يبلغ عدد الدفعة الرابعة؟

16 موثقًا خاصًا للغة العربية استكملوا متطلبات البرنامج بعد استيفائهم الشروط المبدئية المنصوص عليها في القانون، واجتازوا جميع مراحل البرنامج التي تشمل اختبارات تحريرية وشفوية ومقابلات شخصية وتدريبًا عمليًا، أما الموثقون للغة الإنجليزية فلا يزالون في مرحلة التدريب العملي، وبعدها سيتضح العدد الفعلي.

- أعلنت وزارة العدل عن العمل على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص للاستفادة من إمكاناته في زيادة الفرص الاستثمارية؛ لتنمية استثمارات أموال القاصرين وتنويع السلة الاستثمارية، فهل من شراكات جديدة في هذا الشأن؟

أعلنا سابقًا توقيع اتفاقية مشتركة مع بنك «سيكو»، لتقوم سيكو بتقديم خدمات في مجال الاستثمار الخاص بإدارة شؤون وأموال القاصرين، والعمل مستمر للتوسّع في الشراكة مع القطاع الخاص؛ وذلك تنفيذًا لاستراتيجية وقرارات مجلس الولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم، بهدف زيادة فرص الاستثمار ورفع قيمة رأس المال على المدى الطويل، وزيادة الدخل من خلال توزيع الأرباح على حسابات القاصرين التي يتولّى عليها المجلس.

- أعلنتم في وقت سابق البدء في دراسة تطبيق مشروع «عقد الزواج الإلكتروني»، هل من مستجدات في المشروع؟

العمل جارٍ مع هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية لإنجاز مشروع عقد الزواج الإلكتروني قبل نهاية العام الحالي. المشروع يتطلب إتمام الربط الإلكتروني مع وزارة الصحة، ونظام السجل السكاني، وسيشمل أيضًا مرحلة تصديق وثيقة عقد الزواج أو إصدارها من خلال إمكانية طباعتها من خلال بوابة الحكومة الإلكترونية